بقلم
أنيس حسن يحي (أبوباسل)
كم أجد الكتابة تخذلني عن قامة بمثل المرحومة ( نبيهة ناصر علي) خاصة وانا
أستعيد تاريخاً ناصعاً بكل معانٍ للتضحيات والعطاء..عاشتْ المرحومة كل تفاصيل حياتها
نبعاً متدفقاً نهلَ منه كل أفراد عائلتها ..هي فعلاً (نبيهة) في كل تصرفاتهاوحاضنة
لكل مشاعل السمو والأخلاق ومتميزة في عشق التضحيات والفداء ..وملجأ آمن لكل إخوتها وأصدقائهم وأنا منهم وأولهم ..وكانت
السند لكل طالباتها وكل من احتكّ بها في مجال العمل ..أو في السكن ..
وحين نستعرض كل مراحل حياتها نجدها تعطي
ولا تأخذ ..تمنح ولا تمل لكل أنواع الخير والعون ..تضحي بصمت دون ملل ولا ضجيج ..
هكذا بدأت احلى سنوات عمرها وهكذا انتهت
بصمت لا تطلب من احد وفاء ولا شكورا ..وبهذا هي من الذين رسموا صورة مشرفة نموذجية
في دعم ومساندة إخوتها وأهلها في كل تطلعاتهم
ودراساتهم ومحطات نضالاتهم ..فمن يعرفها لا يمكن أن ينسى انها كانت كتلة من النشاط
والوطنية والديناميكيةوجمال الروح ودوماً لا
تتوانى في أن تثقل كاهلهابمسؤوليات من العيار الثقيل ..!!
هي من أسرة كم كنا نجد متعة في زيارتهم ..لأنها أسرة مشبعة
بحب الجيران والأصدقاءوزياراتنا كانت تتنوع فيها أحاديثنا التي تزيدها المرحومة متعة
وهي تشاركنا وتتنقل بينناوالإبتسامة لا تفارقها..ونقاء حفاوتها بنا تجعلنا على يقين
أنّ هذه الأخت خُلقت مشحونة بالحنان والدفء والوفاء….
موتك يا الأستاذة والمربية والأخت نبيهة جعل شريط ذكرياتي تتسارع محطاته متدفقةمنذ كنا نِعم
الجيران والأهل والأصدقاء في (منطقة الرزميت) وكنا كل الجيران كأسرة واحدةتربطنا علاقات
حميمة... وبعدها انتقل معظمنا إلى القلوعةحيث
كنا لا نفترق وكم كنا نتبادل الزيارات ونستأنس بتواجد المرحومة بيننا والتي كانت نعم
الشخصية التربوية والمناضلةالتي تتدفق وطنية وحماساً وكنا مع أخيها محمد وهو أكبرهم
...ونصر وفاروق ناصر علي كانا الأصغر سناً مننا ..وتشاركنا أمهم في الترحيب وإظهار
سعادتها بكل لمّة تجمعنا ..نتبادل شتى أنواع الكلام من سياسة وتاريخ وادب وشعر ومحطات
نضالية ورياضية ونقابية ..
نعم هي نموذج للمرأة المكافحة التي كانت
تمدنا بمزيد من الحماس وتؤازرنا في كل خطواتنا ..لا تمل ولا تضيق ولا تشكو حتى وهي
في أشد حالات الوجع وكم داهمتها الأحزان المتعاقبة التي انهكت قلبها وجسدها ..وهي صامتة
مبتسمة بل تحرص على التخفيف من حدة معاناة
الآخرين وهي المحتاجة ولو للمسة مواساة وحنان ..هكذا وهبت نفسها لإسعاد الآخرين وتضميد
جروحهم وتخفيف معاناتهم ..كانت النبيهة في معرفةمنغصات الحياة فتتعايش مع الوجع لأنّ
قلبهاالرابض بين ضلوعها ممتلئ بالإيمان ..من هنا كسبت محبة كل من يعرفها والإعتزاز
بها وبمواقفها ويجدها كل من احتكّ بها بلسماً تارةً ومثل لغة الألحان تارة اخرى ..
الحديث عن (عائلة وآل ناصر علي اليافعي)
يتشعب والذكريات تجعلني أطوف هنا وهناك مع أسرتي الثانية وأغلى أهلي وجيراني وذكريات
طفولتي وشبابي والتي تمتد حتى هذه اللحظة مع هذه العائلة وكل عائلات الرزميت ..
رحمة الله عليها وربنا يسكنها فسيح جناته
وعزاؤنا للحبيب الغالي (فاروق ناصر علي ) الوطني الشامخ ولكل آل ناصر علي اليافعي
ً..ونسأل المولى لهم ولإبنة المرحومة كل الصبر والسلوان …